حارس طاعن وحيوانات جامحة ..!
قال تعالى :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
كان هناك رجلٌ شيخٌ طاعنٌ في السن
يبدو عليهـ الألم والإجهاد في نهايةِ كل يوم
سأله صديقهـ :
ولماذا كل هذا الألم والإرهاق الذي يبدو عليكـ ؟
فأجابه الرجل الشيخ الطاعن : يُوجد عندي :
بازان ( الباز نوع من الصقور حاد البصر )
يجب عليَّ كل يوم أن أروضهما , وأبرقعهما كي لا يجولا النظر فيفلتان ,
وكذلك عندي :
أرنبان يلزم علي أن أحرسهما من الجري خارجاً ,
و عندي :
صقران عليَّ أن أُقَوِّدهما وأدربهما لكي يصيدا جيدا ً ,
وعندي :
و ثعبان سام , عليَّ أن أحاصرهـ , كي لا يلدغ أحد أو يلدغني ,
وعندي :
أسدُ عليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً في قفصٍ حديدي , كي لا ينقض
علي فيهلكني ,
و عندي مريضٌ عليَّ أن أعتني بهـ وأخدمهـ ,
قال الصديق:
ما هذا كله لابد أنك تمزح !!
لأنه حقاً لا يمكن أن يوجد إنسان يراعي كل هذه الحيوانات
المفترسة والجامحة مرةً واحدة .
قال لهـ الشيخ الطاعن :
إنني لا أمزح ولكن ما أقولهـ لك هو الحقيقة المحزنة و الهامة :
إن البازين هما عيناي وعليَّ أن أغضهما عن النظر إلى الحرام ,
إلى ما لا يحل النظر إليه باجتهادٍ ونشاط ,
والأرنبين هما قدماي وعليَّ أن أحرسهما وأحفظهما
من السير فى طرقِ الخطيئة ,
والصقرين هما يداي وعليَّ أن أدربهما على العمل حتى تمداني
بما أحتاج من رزق حلال وبما يحتاج إليه الآخرون من أخواني ,
والثعبان هو لساني وعليَّ أن أحاصرهـ وألجمهـ باستمرار ,
حتى لا ينطق بكلامٍ معيبٍ مشين ,
والأسد هو قلبي الذي انا معهـ في حربٌ مستمرة
وعليَّ أن أحفظهـ دائماً مقيداً كي لا يميل ويهلكني ,
أما الرجل المريض فهو جسدي كله
الذي يحتاج دائماً إلى يقظتي وعنايتي وي
إن هذا العمل اليومي يستنفد طاقتي و جهدي ووقتي ,
فعلي أن أكون حارسا ً جيدا ً , لكي لا تتفلت مني هذهـ
الحواس الجامحة فترديني قتيلا ً !! .
إن من أعظم الأعمال أن تضبط نفسك
ولا تدع أي شخصٍ سيء آخر محيطاً بك يدفعكـ ويؤثر عليكـ ,
ولا تدع أيَّاً من نزواتكـ وضعفكـ وشهواتكـ تقهرك و تتسلط عليكـ
أفضل الجهاد جهاد النفس وهو الجهاد الأعظم
ومن عرف نفسه فقد عرف ربه
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها،أو موبقها )
قال النووي رحمه الله: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
(كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها) فمعناه :
أن كل إنسان يسعى بنفسه، فمنهم من يبيعها لله بطاعته، فيعتقها من العذاب،
ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى، باتباعها، فيوبقها، أي يهلكها