البرادعي رغم عدم تأييدي له ماشي «زي الفل»، وذلك بلغة الانتخابات..وأصبح هو الأمل بالنسبة للجماهير المصرية وحصل علي شعبية تصل الآن إلي نسبة لم تكن متوقعة.. وأنا شخصياً أتابع حركته بمنتهي الحياد والدقة في كل القنوات الفضائية، العالمية طبعاً.
و بينما كنت أشاهد تسجيلاً للبرادعي والجماهير تلتف من حوله، «راحت عليَّ نومه»، وباللغة العربية ذهبت في سبات عميييييييق ورأيت في المنام..خيراً...و اللهم أجعله خيراً أن الدكتور البرادعي أصبح رئيساً لجمهورية مصر العربية وأن المذيع المصري الذي يقرأ علينا الأخبار منذ ثلاثين عاماً..هو هو الذي قرأ خبر إعلان فوز الدكتور البرادعي وبكل فرحة، وطبعاً أصابني الشك في الخبر، وذلك لأن شهر رمضان قد اقترب وربما يكون الأمر هو حلقة من حلقات «الكاميرا الخفية»، أو «حيلهم بينهم»...لكن ما جعلني أصدق هذا الخبر أن التليفزيون قد أذاع وعقب النشرة مباشرة أغنية «المصريين أهمه» وكذلك أغنية «والله وعملوها الرجالة» وكذلك أغنية «إحنا الشعب واخترناك ( بحق وحقيقي ) من قلب الشعب»، وهذه الأغاني لا تذاع إلا في المناسبات القومية والانتصارات العليا..مثل فوز مصر في كرة القدم علي فريق «تاجو باجو» الإفريقي من ضربة جزاء مشكوك فيها، المهم إنني اكتشفت أن صور الدكتور البرادعي تملأ الأماكن جميعها، ولم أجد أي صورة لأي رئيس آخر، وفي هذه اللحظة أصابني الذهول والتعجب ذلك أنني لم أتوقع نجاح الدكتور البرادعي بهذه السهولة إذ إن مثل هذه الحالات من الترشيح تنتهي بالقبض علي المرشح في أي كمين ليلي لعدم وجود طفاية حريق في سيارته مما يعرض أمن الدولة للخطر، أو أن يتم اعتقاله لأنه تحدث مع ابنته المقيمة في لندن تليفونيا ًمما يعد اتصالا بالخارج.
الخلاصة أن البرادعي قد أصبح رئيساً للجمهورية - في المنام- وفي الوقت ذاته أصبح موقفي حرجاً، ولن يشفع لي أمام الرئيس البرادعي أنني ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً كنت أؤيد والده الأستاذ «مصطفي البرادعي» المحامي العظيم في انتخابات نقابة المحامين ضد الأستاذ «أحمد الخواجة» المحامي العظيم أيضاً، ورحم الله الجميع..المهم إن وسائل الإعلام عرضت الاحتفالات بالعهد الجديد، و أعلنت عن افتتاح جمعية «البرادعي» للأيتام، وكوبري البرادعي «بمسطرد»، ودار «البرادعي للفنون والآداب»، وكلية «البرادعي للتكنولوجيا»، ومحطة البرادعي في مترو الأنفاق، و قد أصدر الرئيس البرادعي قراراً بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ونقلهم إلي منازلهم بسيارات الإسعاف أو عربات «دفن الموتي» حسب حالة المعتقل، كما أصدر سيادته تعليمات جازمة إلي السادة الضباط بوقف التعذيب نهائياً ومنع المعتقلين من ابتلاع لفافات الحشيش البلاستيكية وبالذات بعد موتهم ووقف عمليات التعذيب بالكهرباء، وذلك مراعاةً لحقوق الإنسان وترشيداً لاستهلاك الكهرباء في الوقت ذاته، ثم انهالت القرارات باسترداد الأموال المسروقة وإعادة التحقيق في قضية العبارة وإلغاء صفقات بيع أرض مصر من أول المرحوم «عمر أفندي» وحتي صفقة «مدينتي» التي هي ليست مدينتي، ولا مدينتك، و إنما هي مدينتهم، و قد أيد مجلسا الشعب والشوري الرئيس الجديد وقررا أن مصر تقف علي أعتاب الفكر الجديد مع الرئيس الجديد في العصر الجديد وكله جديد في جديد، وقد حاولت أن أشاهد بين الحاضرين ما إذا كان السيد وزير الثقافة سيظل كما هو ليكمل الخمسين عاماً المقبلة في العصر الجديد، أم أنه سيتم ترشيحه كأمين عام للأمم المتحدة.. فلم أتمكن من معرفة ذلك كما لم أتمكن من مشاهدة أو معرفة أسماء الوزراء أو رئيس المحكمة الدستورية الجديد أو رؤساء مجلسي الشعب والشوري وكل الذي تمكنت منه هو قراءة مقالات الصحف الحكومية وكان عنوانها «البرادعي رجل الأزمات».. بقلم رئيس تحرير أول جريدة، أما الجريدة الثانية، فقد كان المانشيت الرئيسي بعنوان «مصر تستقبل عصر الرخاء بأمارة اكتشاف بئر بترول في حي الشرابية وشجرة تفاح في حلوان» أما الجريدة الثالثة فقد كان العنوان الرئيسي فيها «البرادعي يحرق الأشرطة والتسجيلات ويحطم سور السجن الحربي» ويبدو أن هذه الجريدة لم تعد خبراً تنافق به الرئيس الجديد، فنشرت الخبر نفسه الذي كانت قد نشرته في عام 1970 عن الرئيس السادات منذ أربعين عاماً.
و قد أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس البرادعي سوف يلقي خطاباً مهماً في الساعة الثانية ظهراً يحدد فيه موقف مصر من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والجدار العازل وكامب ديفيد، ولما كنت مرتبطاً بموعد مهم قبل الخطاب فإنني قد اضطررت إلي الاستيقاظ قبل الخطاب بساعتين، علي أمل أن نلتقي في منام آخر بإذن الله.